الثلاثاء، 18 مارس 2008

كبير في حياته.. كبير في شهادته

النظم العربية أحبطت الشباب ودفعته للسلبية والتطرفمنى محروسلا يستطيع أحد أن يماري في أن الشباب العربي يعاني من حالة اغتراب عن أوطانه، وهذه الحالة دفعته إما للانعزال والسلبية، وإما إلى التطرف والخروج على هذه المجتمعات التي يشعر أنها مسئولة عن مأساته.ويمكننا التحدث عن الاغتراب الذي يعانيه الشباب العربي من زاوية الانفصال بين الذات والواقع، وشعور الشباب باختلاف ذاته عن الآخرين، وافتقاد الإحساس بالعلاقة بينهما؛ ثم انعدام الشعور بالقدرة على تغيير الواقع، ثم افتقاد القدرة على اكتشاف المغزى والعبرة القيمية من الحياة.ويمكننا التحدث عنه أيضاً بمعنى تلاشي المعايير والعزلة النفسية للشباب عن المجتمع، ثقافياً وحياتياً؛ ومن بعدُ الاغتراب عن الذات.أو بمعنى كون اغتراب الشباب ناتجاً عن تعرضهم لإحباطات نفسية نتيجة انتزاعهم من بعض الأشياء أو الناس الذين يحبونهم.أو بمعنى حرمان الشباب من أشياء يحبونها، أو عن ابتعادهم عن أشياء أو أشخاص يرغبونهم أو يحبونهم بطبيعتهم أو غريزتهم؛ وهو تعبير عن ضياع وافتقاد هذا الشيء.بين الاغتراب الإيجابي والسلبي يقول د. عبد الله سليم أستاذ علم الاجتماع: إن مظاهر العجز والعزلة وفقدان المعايير وعدم وضوح المستقبل، وافتقاد الانتماء والضياع أصبحت من ابرز السمات السائدة في الحياة الإنسانية في عالم اليوم، ولعل في مقدمة العوامل التي كانت وما تزال وراء بروز هذه المشاعر التي تولد عنها الإحساس بالاغتراب تفاقم الأتمتة (أي الآلية والميكنة) المصاحبة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتسارعة التي كان لها الأثر الكبير في تزايد المشكلات الحياتية وتنامي الضغوط التي قيدت حرية الإنسان وإضعاف إرادته وروابطه الإنسانية.والشباب هم أكثر فئات المجتمع تعرضا لهذه الظاهرة كونهم يمثلون الفئة الأوسع والأشد إحساسا بالفجوة الفكرية والانخلاع القيمي الذي بات يفصلهم عن مجتمعهم، كما أنهم يمثلون الشريحة العريضة التي تعرضت للاستلاب الروحي والقلق النفسي وافتقاد الحس الزماني والمكاني وعدم الرضا عن أهداف الحياة أمام تعاظم تيار المنافسة والتغالب تحت مغريات العصر التي تعكس الاهتمام بالربحية والتقدم المادي والتوجه نحو الاستهلاكية والانغماس في المظهرية والسعي وراء الغنى والرفاهية وتعزيز ضمانات الحاضر وترقب المستقبل على حساب الغير.والاغتراب بصورة عامة يحمل في طياته دلالتين في المعنى، فهناك دلالة إيجابية المقبولة وأخرى سلبية مرذولة. فالاغتراب المقبول كاغتراب الصالحين والفلاسفة والعلماء، وهو اغتراب طواعية واختياراً. والاغتراب في الإسلام هو شعور الإنسان بانفصاله عن الدنيا وهو فيها عابر سبيل كما يقول الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) وهو اغتراب مقبول وسليم.أما الاغتراب المرذول الذي هو اغتراب مرضي، فهو اغتراب كامل ومطلق بفقدان النفس تماما بوصفها مركزا لتجربة الإنسان وشعوره.ويرى فيورباخ أن الكشف عن الاغتراب لا يتم إلا من خلال الدين وان الاغتراب الديني هو أساس كل اغتراب فلسفي أو اجتماعي أو نفسي أو ثقافي. والاغتراب عند ديكارت هو عزلة النفس عن الجسم وعزلة الأنا عن العالم. والاغتراب عند ماركس يتولد في ظروف اقتصادية واجتماعية وثقافية ومن خلال التطور الجدلي لرأس المال الذي يعد من أخطر أنواع الاغتراب.أنواع الاغتراب ونتائجه بينما يرى د. المحمدي فاروق أستاذ الصحة النفسية أن للاغتراب أشكال مختلفة، فهناك الاغتراب الروحي الذي يرجع إلى افتقاد الروابط العقائدية التي ينطلق منها الأفراد في تفاعلهم الإنساني.وهناك الاغتراب الفكري، فقد يتخذ الاغتراب عند الإنسان منعطفا أيديولوجيا حينما تؤدي بعض التوجهات الفلسفية والأيديولوجية التي يتبناها الأفراد إلى إضعاف علاقاتهم الاجتماعية وتواصلهم مع الناس. وينبع هذا الاغتراب من افتقاد القواسم الفكرية المشتركة وما ينبع من ذلك من تقلص عناصر التفاهم والانجذاب الذهني والعاطفي المتبادل. وغالبا ما يتعرض المفكرون والمثقفون ذوي الثقافات العلمية والفلسفية محدودة الانتشار أو ضعيفة التجذر مجتمعيا إلى هذا الصنف من الاغتراب، بسبب اتساع المسافات الفكرية التي تفصلهم عن أفراد المجتمع.وهناك الاغتراب القيمي الثقافي، حيث إن التحلل القيمي في أكثر من صورة يعني تآكل سيطرة المعايير الاجتماعية على السلوك، وقد أطلق العلماء على هذه الحالة مصطلح اللامعيارية، وهو ما يلاحظ بشكل خاص في المجتمعات الغربية.وعند بلوغ هذه المرحلة من التفكك تكون بنية المجتمع عاجزة عن ضبط وتنظيم علاقات الناس وضمان الحدود الدنيا من التفاهم ،وتتصدر التحولات الاقتصادية والاجتماعية السريعة والعميقة،الأسباب التي تفضي إلى هذا الانحلال حيث يعتري القيم الوهن الذي يضعف دورها في تنظيم الحياة الاجتماعية .وهناك الاغتراب التقني والاقتصادي، حيث إنه مع تفاقم الأتمتة والحيل الاختراعية الهادفة للاقتصاد بتكاليف الإنتاج ومضاعفة الأرباح تصاعدت القيود التقنية على حرية الإنسان وتقلصت معها إرادته وإنسانيته، وهكذا أدخلت الآلة الإنسان بتجربة جديدة كان الاغتراب أحد نتائجها المأساوية، فهو لا يقرر بنفسه الحركات الجسمية في أداء عمله الصناعي بل لابد له من الخضوع لما تليه الآلة من إجراءات تقنية مقننة تكرر حرفيا،وفي إطار هذه الرتابة صار الإنسان- وقد سلبت منه الإرادة- تابعا للآلة بعد أن كان يتحكم بها ويطورها حسب عادات جسده. ومن نتائج الاغتراب، التراجع والهامشية، فهنالك الكثير من الناس يعجزون عن التكيف مع حركة المجتمع بسبب استمرارهم في التمسك بالقيم التقليدية مما يعرقل مواءمة سلوكهم مع التغيرات الاجتماعية الجارية، وهم كثيرا ما يغالون في تصورهم للأثر الايجابي لما يفعلون ووقعه الاجتماعي والنفسي في نظر الآخرين.وأقصى ما تصله حالة الاغتراب في سياقات التغير الاجتماعي والاقتصادي والتصنيع، هو انفصال الإنسان عن ذاته، وهي ما أسماها العلماء بالاغتراب عن الذات.ومن نتائج الاغتراب أيضاً العزلة وتأكل الانتماء، وهي التي تكون بارزة غالبا في المجتمعات الحديثة الغربية والتي تكون قائمة على الفردية دون الاهتمام بروح الجماعة، وكذلك ضمور التواصل بين سكان المدن الحضرية وبروز الحواجز النفسية والاجتماعية التي تسبق المسافات التفاعلية بينهم.الاغتراب مدخل للخروج عن المجتمع تقول د. ابتسام طه أستاذة الفلسفة: إن الشباب العربي يعيش أزمة اغتراب حقيقي، وقد أكّدت الدراسات التي أجريت في العديد من الدول العربية، وبين مختلف الطبقات الاجتماعية هذه النتيجة، فمواجهة الشباب بالأنظمة البيروقراطية وأنماط السلطة غير الديمقراطية لا تبقيه خارجها فقط، ولكنها تجعل دوره ينحصر في الخضوع لها والالتزام بقوانينها مما يشعره بالعجز وعدم القدرة على تحقيق ذاته. والاغتراب هنا هو مرحلة وسطى بين الانسحاب من المجتمع والتمرّد عليه. هو يلجأ إلى ثلاثة أنواع من التصرّفات: إما الانسحاب من هذا الواقع ورفضه، وإما الخضوع إليه في الوقت الذي يعاني فيه النفور، وإما التمرّد على هذا المجتمع ومحاولة تغييره ولو كان ذلك بقوة السلاح.إن استمرار تجاهل قضية الشباب في مجتمعاتنا العربية وعدم معالجة ما يلاقيه من تدهور في مناهج التعليم، وابتعاد الشباب عن الاهتمام بالسياسة، وجهلهم بتاريخ أوطانهم، وموقف اللامبالاة مما يجري حولهم هو نتيجة حتمية لسياسات التجاهل لمواجهة قضاياهم، وقد حوّلتهم تلك المشاعر المتناقضة في داخلهم إلى مخزن يغرف منه كل من لديه مصلحة خاصة في تجنيدهم واستخدامهم.لابد من إقحام الشباب للمشاركة وسماع رأيهم في اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتوسيع دورهم في المشاركة في كل ما يتعلق بحياتهم وتطلعاتهم وطموحاتهم، ويأتي في مقدمة ذلك خفض سن الناخبين ليصبح عند الستة عشر عاماً، وأن يمثل الشباب في المؤسسات الديمقراطية والتشريعية، ويفسح في المجال لسماع مقترحاتهم والأخذ بها عند التطبيق، فالثقافة السياسية جزء وشرط مهم في ثقافة الشباب إن أردنا تدريبهم وتأهيلهم للقيادة في مرحلة لاحقة، ونحن بهذا ندخلهم في نسيج المجتمع بدلاً من أن يتحوّلوا إلى أدوات للهدم والتخريب، فوضع ثقافة متوازنة للشباب تراعي تراثهم وتاريخهم الوطني والقومي، وتسعى للحاق بالثقافة الحديثة المنفتحة على العلم والتكنولوجيا والفلسفة المعاصرة المتطلعة إلى مزيد من الكشف عن الكون وأسراره أمر لا مفر منه، وأن ندرّبهم على اكتشاف ثقافة الشعوب والأمم المعاصرة ليتمكّنوا من التعامل والتفاعل معها في هذا العالم الذي بدأت تتشابك فيه تلك الشعوب بثقافاتها المختلفة على درب التعاون والتلاقي والاندماج في ثقافة كونية تسعى لإشاعة السلام في العالم وتحتفظ في الوقت ذاته لكل شعب بخصائصه وعاداته وتقاليده وتراثه الديني والقومي ضمن حركة التفاعل مع الثقافات الأخرى.إن شبابنا اليوم يسعى خلف الإعلام الخارجي باحثاً عن الحقيقة، التي بدأ يشك في صدقها في إعلامه الرسمي، متصوّراً أنه سيجدها عند الآخر، وهذا بداية الانسلاخ الثقافي وفقد الثقة في ثقافته والقائمين على تسيير شئونه، ومؤشر إلى سهولة السقوط تحت تأثير أي إعلام معاد له ولوطنه وتراثه الثقافي والحضاري، وسنرتكب أخطاء أكثر فأكثر إن نحن تصوّرنا أن بإمكاننا الاستمرار في إبعاد جيل الشباب في عالمنا عن المشاركة الكاملة في إدارة شئون حياته ورسم مستقبله، فالكبار، في عصر يقوده الشباب، لن يتمكنوا من ضبط إيقاع الحياة دون الشباب ومشاركتهم الكاملة، وقد دلت الدراسات والأبحاث الحديثة على أن المجتمعات، التي تتعرض للتغير التقني السريع لا يعود الآباء فيها يملكون ما يقدّمونه لأبنائهم، لأن معارفهم تفقد ملاءمتها للواقع الجديد والمستجد. فكيف بزمان كزماننا الذي فاقت سرعة التغير التقني فيه بملايين المرات سرعة التغيرات التقنية التي أصابت المجتمعات البشرية القديمة، فجيل الآباء في زماننا ما عادوا يملكون معظم الإجابات عن أسئـلة أكثر وأعقد مما لا يقاس مما توافر لمن سبقـهم، فهم يكادون أن يفقدوا الموقع الذي يخوّلهم أن يقـولوا للصغار ماذا يفعلون وماذا لا يفعلون، وأصبحت العلاقة بين الطرفين بسبب التقنية الجديدة حواراً لا تلقين دروس وأوامر.مأساة غرس ثقافة الخوف والقلق د. سامي وهيب أستاذ التربية يؤكد على سلبيات النظام التربوي العربي ومناهجه التعليمية التي قدَمت العلم من دون ثقافة، كما قدَمت الثقافة من دون علم، وبذلك أنتج هذا النظام جيلاً معزولاً عن حركة العالم، وليس جيلاً مستشعراً بصورة المستقبل المتفاعل مع حضارته، بل إن الاستشعار الرئيسي المقدَم إليه هو إن هذا العالم عبارة عن شبح مخيف يتطلَب المواجهة المشحونة بالضدية والسلبية. كما إن أخطر ما قدمه الواقع السياسي العربي خصوصا في العقد الأخير ثقافة الخوف والقلق والغموض والخيبة والعزلة ما بين السلطات والمجتمع، وما بين الداخل والخارج، وهي ثقافة لا تستطيع تلبية حاجات الجيل الشبابي وذلك لفقدانها الجاذبية العصرية التي تتمتع بها الثقافة الغربية الوافدة القادرة علي ملء الفراغ في عالم يفور بعولمة الثقافة والإعلام إضافة للاقتصاد. إلي جانب هيمنة ثقافة السلطة التي تهتم بحماية نفسها ومؤسساتها. مثل هذه الثقافة ليست مهيأة سوي لإنتاج نمطين من الشباب: الأول جيل مُخنَث لا يحمل هوَية ويخضع للآخر ويأخذ منه كل شيء ويرفض العلم والمعرفة، والثاني نمط معزول عن الحاضر وهو يلبس قميصه، ويتعامل مع مظاهره، أما جيل الوعي والإبداع فهو مضيَع.خطورة الانكفاء والعزلة أما د. ناصر الضبع مستشار الطب النفسي فيرى أن العزلة التي يجنح إليها الشباب قد تكون خيارا يسلكه البعض بسبب الحيرة، وفى نفس الوقت غياب قنوات التعبير، فيضعف الحافز نحو المشاركة في عملية التنمية، ويبحث عن أطر بديلة.وعندما يتم تكريس العزلة من أجل كبح جماح وطموح الشباب، من خلال مثلاً البعد عن إعلام الحوار السياسي والإغراق في إعلام الترفيه فإنها قد تتحول إلى ظاهرة مرضية، وقد تخرج في قنوات غير مشروعة أو غير محسوبة تارة أخرى، وتؤدى إلى ارتباك المعادلة السياسية.ومن أسباب العزلة بين الشباب والأطر الرسمية للمشاركة تلك الهوّة بين المبالغة فيما تحقق له من ناحية، وضآلة المحسوس من هذه الإنجازات من ناحية أخرى. والملفت للانتباه، كذلك، هو ضخامة الحديث الرسمي عن الإصلاح وتمكين الشباب في العالم العربي وفى نفس الوقت محدودية الإصلاح وتواضع كفاءة هذه الأطر الرسمية لمشاركة الشباب. وعندما يتم استبقاء الشباب خارج عملية صنع واتخاذ القرار يصبح الحديث عن ثقافة العزلة بين الشباب أمرا واردا.فمن خلال قراءة المنظومة القانونية العربية، يتضح أن 14 دولة لم يشر دستورها إلى كلمة الشباب، أما الدول التي أشار دستورها إلى الشباب فأغلبها ركزت على حماية ورعاية النشء والشباب. كذلك، نلاحظ أنه حتى في التنظيم الهيكلي للبرلمانات العربية، باختلاف مسمياتها، ورغم الاهتمام الرسمي لكافة الحكومات العربية بتمكين الشباب وزيادة المساحة المخصصة لهم في المؤسسات السياسية، ومنها البرلمان، نجد أن أغلب هذه المجالس العربية لا تخصص لجنة ذات دور فعال لإعداد سياسة متكاملة للشباب .لماذا فقد الشباب الثقة في السياسة؟ ومن جانبها تؤكد د. سلوى العامري الخبيرة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن الحكومات العربية تعمل جاهدة على تخويف الشباب من السياسة وإلهائهم عنها.إن المشاركة السياسية للشباب يقصد بها الأنشطة التي يزاولها أعضاء المجتمع بهدف اختيار حكامهم وممثليهم والمساهمة في صنع السياسات والقرارات سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وبذلك تعنى كلمة المشاركة السياسية أنها تساعد الفرد على أن يقوم بدور في الحياة السياسية وكذلك فإن المشاركة تتم بصورة اختيارية تطوعية.وترجع د. سلوى العامري أسباب عدم اهتمام الشباب بالسياسة إلى أن الحكومات جعلت مراحل الدراسة لا تتيح للشباب أي وقت للاهتمام بأي شيء آخر غير الدراسة، كما جعلت الهم الأكبر للشباب بعد إنهاء مراحل التعليم تكوين مستقبله وأسرته، علاوة على أن الشباب يعانى من إحباط مستمر طوال حياته وهو ما يحول بينه وبين معظم المسائل والأمور التي لا تخرج عن دائرة حياته الشخصية، وهكذا يفتقد الشباب المثل الأعلى الموجود حوله من السياسيين، وهو ما جعل السطحية هي السمة الغالبة على عقول الشباب.إن الدراسات تؤكد عزوف 90% من الشباب عن المشاركة في الانتخابات وذلك لفقدان المصداقية في نتائج هذه الانتخابات ، فضلا عن الظروف المجتمعية التي تفرض السلبية على الشباب. فالحركة السياسية هامشية وضعيفة، والتعددية شكلية في مجتمعاتنا، ودولنا لا تهتم بآراء الشباب مما قد يؤدى إلى العيش في دائرة مغلقة بعيدا عن الحياة السياسية ويزيد في إحساسه بعدم جدوى المشاركة، بالإضافة إلى تخويف الأهل لأبنائهم من الاقتراب من أي نشاط له صفة سياسية خوفا عليهم من التعرض للأذى.وتهاجم د. سلوى العامري نظام التعليم في البلاد العربية، نظرا لأنه المؤسسة الأولى التي تتلقى الطفل بعد الأسرة، حيث تشير إلى أن المدرسة لها دور فاعل في تهميش دور الشباب، بل الأكثر من ذلك تأكد دورها السلبي على اعتبار أنها تسهم في غرس القيم السياسية المضادة لقيم الحرية، ومن هنا لابد من ربط التعليم بأهداف المجتمع من خلال تطوير المناهج الدراسية لتناسب القيم المستهدفة والقيم السائدة ولتحتوى على الموضوعات التي تساهم في عملية التنشئة السليمة نظرا لأهمية دور المدرسة البالغ في التنشئة. إن المدرسة لا تقوم بأي دور، فلا يهتم المدرسون إلا بشرح الدروس فقط، ولا تعقد أية ندوات أو حلقات نقاشية لتوعية التلاميذ بما يجرى في المجال السياسي، وفي هذه الظروف يستحيل أن يكون للمدرسة أي دور لأن المدرسين أنفسهم يخشون من الحديث عن السياسة مع التلاميذ، كما أن المقررات الدراسية تخلو من أي موضوعات سياسية.ونتيجة ذلك كله فإن المحصلة النهائية هي فقدان ثقة الشباب في الديمقراطية والممارسة السياسية، وهو ما أدى إلى عزوفهم عن المشاركة السياسية بما يتفق تماما مع الأدبيات السائدة عن المشاركة في دول العالم الثالث، والتي تؤكد على حالة الانفصال الموجودة بين الناس وبين المشاركة الحقيقية، والتي تنجم عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتدنية من ناحية، ومن الفساد السياسي السائد من ناحية أخرى. وكانت النتيجة هي شعور الشباب بالإحباط والاغتراب وانصرافهم عن قضايا المجتمع العامة.

ليست هناك تعليقات: